Page 116 - web
P. 116

‫د‪ .‬محمد محمـود العطـار‬                                                                ‫مقالات وأراء‬
‫أستاذ مساعد – جامعة الباحة‬
                                                   ‫التربية الأمنية‪..‬‬

                                                 ‫فكر آمن وحياة‬
                                                       ‫مطمئنة‬

‫والجرائم المختلفة كما هو الحال في الاختراقات‬     ‫الأمن مطلب الأمم قدي ًما وحدي ًثا والأخذ‬                                            ‫التربية الأمنية هدفها‬
‫الرقمية وغيرها‪ .‬كل تلك المخاطر ألقت بظلالها‬      ‫بأسباب العزة والقوة‪ ..‬أمر ح َّث عليه ديننا‬                                              ‫بناء جيل ينهض‬
‫على السواد الأعظم من المجتمعات‪ ،‬ولا سيما‬         ‫الحنيف‪ ،‬قال تعالى‪َ ( :‬وأَ ِع ُّدواْ َل ُهم ِّما ٱس َت َطع ُتم‬
‫المجتمعات العربية‪ ،‬التي تسببت في الكثير‬          ‫ِّمن ُق َّوة َو ِمن ِّر َبا ِط ٱل َخي ِل ُتر ِه ُبو َن بِ ِه َع ُد َّو ٱل َّل ِه‬   ‫بالمجتمع‪ ،‬ويكون عدة‬
‫من المشكلات‪ ،‬والقضايا الأمنية‪ ،‬ولا تزال‬          ‫َو َع ُد َّو ُكم) (الأنفال‪ ،)60 :‬فالأمن مطلب أساسي‬                                    ‫لمستقبلها‪ ،‬فالتربية‬
‫تحدياتها تنبئ بتصاعد وتيرتها‪ ،‬إن لم تتص َد‬       ‫لكل أمة‪ ،‬وغاية ينشدها الإنسان في حياته‪،‬‬                                                ‫مرآة المجتمع التي‬
‫لها مؤسسات المجتمع بكل طاقاتها‪ ،‬وتأتي‬            ‫فهو أساس التنمية والحياة السعيدة‪ ،‬وبدون‬                                                 ‫تعكس توجهاته‬
‫مؤسسات التعليم بجميع مراحلها في طليعة‬            ‫الأمن لا يتحقق للإنسان أدنى مقومات الحياة‬
‫مؤسسات المجتمع المنوط بها مواجهة تلك‬             ‫الكريمة‪ ،‬فلا يهنأ بعيش ولا يتحقق له أي‬                                            ‫الاجتماعية والاقتصادية‬
                                                 ‫تطور‪ ،‬ومن يعتقد أن السعي للإصلاح والتطور‬                                              ‫وما يتبناه من نظام‬
                               ‫المخاطر الأمنية‪.‬‬  ‫يكون بالفكر المتشدد أو المنحل فهو واهم‪ ،‬بل‬
‫والتربية الأمنية هي عملية التنشئة الاجتماعية‬
‫التي تتم في إطار المؤسسات التعليمية المختلفة‪،‬‬         ‫الإصلاح يكون بالحكمة والموعظة الحسنة‪.‬‬
‫بالتعاون مع الأجهزة الأمنية؛ وذلك من أجل‬         ‫وإذا كانت القوى البشرية المؤهلة تربو ًيا‬
‫ترسيخ القيم السائدة في المجتمع من جهة‪،‬‬           ‫وأكاديم ًيا ومهن ًيا للعمل الإبداعي‪ ،‬وزيادة‬
‫وحماية النشء من التيارات السلبية الهدامة‪،‬‬        ‫الإنتاج هي أساس القوة والتميز في عمليات‬
‫التي تنادي بالخروج على القانون وتهديد أمن‬        ‫التنمية الاجتماعية والاقتصادية المتواصلة في‬
                                                 ‫المجتمعات التي تحاول أن يكون لها مكان‬
                       ‫المجتمعات واستقرارها‪.‬‬     ‫مأمون ومأمول في ظل متغيرات العصر الحديث‬
‫فالتربية الأمنية كتربية تكرس هدفها في بناء‬       ‫الذي يموج بثوراته المعلوماتية والتكنولوجية‬
‫جيل ينهض بالمجتمع‪ ،‬ويكون عدة لمستقبلها‪،‬‬          ‫والاتصالية فيما يسمى بعصر الموجة الثالثة‬
‫فالتربية بصفتها مرآة المجتمع تعكس توجهاته‬        ‫وتداعياتها الكونية فإن النظام التربوي هو‬
‫الاجتماعية والاقتصادية وما يتبناه من نظام‪،‬‬       ‫الأداة الرئيسة لتكوين الموارد البشرية وتحريك‬
‫وتحقق هذا المبدأ الإسلامي في رسالتها التي‬        ‫طاقاتها الإبداعية الكامنة‪ ،‬وبالتالي فإن الأمر‬
                                                 ‫يقتضي ضرورة الاهتمام بأساس البناء الإنساني‪.‬‬
                                 ‫تقدم للنشء‪.‬‬     ‫ويعيش العالم اليوم العديد من المخاطر‬
‫وإذا كانت التربية تهدف إلى إعداد الفرد‬           ‫الأمنية‪ ،‬ومن ذلك تنامي ظاهرة الإرهاب‬
‫للحياة؛ حيث يكون هذا الإعداد معرف ًيا‬            ‫والحروب الطاحنة‪ ،‬والهجرة غير النظامية‪،‬‬
‫ومهار ًيا ووجدان ًيا وسلوك ًيا؛ وذلك ليكون‬
‫الفرد لبن ًة صالح ًة في مجتمعه‪ ،‬فإننا نجد أن‬

                                                                                                                                   ‫‪114‬‬
   111   112   113   114   115   116   117   118   119   120   121